
وتعجب القوم واستولت الدهشة على عقولهم، وتحيروا من هذا التناقض الواضح الذي بدا لهم بين ثنائها على الأمير، وجوابها على سؤال الأمير الذي لا يتماشى مع الثناء، لكن سرعان ما زالت دهشتهم وذهب وتبدد عجبهم عندما التفت إليهم الخليفة قائلا : " أتدرون ما قالت هذه المرأة أولا ؟ فقالوا : ما نراها قالت إلا خيراً يا أمير المؤمنين، فلقد أثنت عليك وأحسنت الثناء، فقال : ما أظنكم إلا واهمون، وما أظنكم فهمتم حقيقة ما قالت !!!!! قالوا وماذا قالت يا أمير المؤمنين أطال الله بقاءك ؟ قال الأمير :أما قولها : (أقر الله عينك ) أي أسكنها، عن الحركة وإذا سكنت العين عن الحركة عميت، ( فكأنها تدعوا عليه بالعمى )، وأما قولها (وفرحك بما آتاك )، فأخذته من قوله تعالى " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة " ( الأنعام : 44 )، وأما قولها (وأتم الله سعدك )، فأخذته من قول الشاعر :-
إذا تم أمر بدا نقصه ...... ترقب زوالا إذا قيل تم
وأما قولها (لقد حكمت فقسطت ) فأخذته من قوله تعالى : " وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " ( الجن : 15 ) فتعجبوا من ذلك أشد العجب، وأخذ بعضهم ينظرون إلى بعض !!!.